1) معنى الإحرام :
المقصود بالإحرام : هو نية الدخول في أحد التسكين الحج أو العمرة. وهي نية خاصة تختلف عن نية المسافر ليحج أو يعتمر أو نية التجرد من المحيط أو الامتناع عن المحظورات.
2) مواقيت الإحرام المكانية :
- المواقيت المكانية : هي تلك الأماكن التي لا يجوز لمن أراد الحج والعمرة أن يتجاوزها إلا وهو محرم.
- فيجب على من أراد الحج أو العمرة أن لا يتجاوز المواقيت التي حدَّدها النبي صلى الله عليه وسلم إلا وهو محرم ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : (إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ . هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ ...) [متفق عليه]
والمواقيت المكانية خمسة ، ورد بيانها في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مُهَلُّ أَهْلِ المَدِينَةِ مِنْ ذِى الحُلَيْفَةِ ، وَالطَّرِيقُ الآخَرُ الجُحْفَةُ ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ) [رواه مسلم]. وبيانها على التفصيل :
1) ذو الحُلَيْفَة : وتسمى الآن (أبيار علي) ، وهو ميقات أهل المدينة ومن مر بها من غير أهلها متجهاً إلى مكة.
2) الجُحْفَة : وتقع قرب مدينة رابغ التي أصبحت فيما بعد ميقات أهل الشام ومصر والمغرب ومن جاء من طريقهم .
3) قَرْنُ المَنازِل : ويطلق عليها اسم (السيل الكبير) ، وهو ميقات أهل نجد ومن جاء من طريقهم.
4) يَلَمْلَمْ : وتسمى الآن (السعدية) ، وهو ميقات أهل اليمن ومن جاء من طريقهم.
5) ذات عِرْق : ويسمى الآن (الضريبة) وهو ميقات أهل العراق وشمال نجد ومن في حكمهم.
ومن كان منزله دون هذه المواقيت ، فميقاته منزله ، فيجب عليه أن يحرم منه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس السابق : (... وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأ ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ) [متفق عليه].
3) ما لا ينعقد معه الإحرام :
لا ينعقد الإحرام إذا كان المحرم في حال الجنون أو الإغماء أو السُّكر ؛ لأن من كان هذا حاله فلا يتصور وجود النية منه مع غياب عقله .
4) ما يُبطل به الإحرام :
إذا انعقدت نية الإحرام ، فلا تبطل إذا ارتد المحرم عن الإسلام ؛ لقوله تعالى : ﴿وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر:65].
5) ما يُفسد الإحرام :
أجمع العلماء على أن الإحرام يفسد بالجماع عمداً أو سهواً ، فإذا جامع المحرم في الحج وكان قبل التحلل الأول يلزمه إتمام نسكه وعليه القضاء ؛ لما روي عن عمر وعلي وأبي هريرة أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج ، فقال : (يَنْفُذَانِ لِوَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا، ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجٌّ مِنْ قَابِلٍ وَالهَدْيَ) [رواه مالك في الموطأ بلاغاً، وضعف أسانيدها ابن الملقن].
6) أنواع النسك :
يقع الإحرام بالنسك على ثلاثة وجوه هي :
أ - الإِفْرادُ : وهو أن يحرم بالحج وحده ، فيقول : (لبيك الله حجًّا).
ب- القِران : وهو أن يحرم بالحج والعمرة معاً ، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الإحرام بالحج قبل الطواف .
فإن أحرم بالحج أولاً ثم أراد أن يدخل عليه العمرة لم يصح ولا يُعد قارناً بهذه الصفة ، ولا يترتب عليه شيء؛ لأنه لم يرد به النص الشرعي ، ولم يستفد به فائدة .
ج- التَّمَتُّعُ : وهو أن يحرم الحاج بالعمرة من الميقات في أشهر الحج ، فإذا فرغ منها وتحلل أحرم بالحج من مكة في عامه .
- والمسلم مخيَّر بين هذه الأنساك الثلاثة ، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الْحِجَّةِ . قَالَتْ : فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ ، فَلَوْلاَ أَنِّي أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ ». قَالَتْ : فَكَانَ مِنَ الْقَوْمِ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِالحَجِّ . قَالَتْ : فَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ...) [رواه مسلم] .
- وأفضل هذه الأنساك الثلاثة التمتع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه ممن أهل بالحج أن يتحللوا ويجعلوها عمرة إلا من كان قارناً وساق الهدي وقال : (وَلَولا هَدْيِي لَحـَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ ، وَلَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَم أَسُقِ الهَدْيَ . فَحَلُّوا فَحَلَلْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) [رواه مسلم]. فنقلهم من الإفراد والقِران إلى التمتع ، ولا ينقلهم – عليه الصلاة والسلام – إلا إلى الأفضل.
- ومن أحرم وأطلق من غير تحديد نسكه ، صح إحرامه ، وصَرَفه إلى ما شاء ؛ لأن الإحرام يصح مع الإبهام وهو أن يقول : أحرم بما أحرم به فلان - ، فيصح مع الإطلاق .
وما عمل قبل التحديد فلغو ؛ لقول طاووس : «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لا يُسمِّي حَجًّا ينتظر القضاء، فنزل عليه القضاء وهو بين الصفا والمروة ، فأمر أصحابه من كان منهم أهلَّ ولم يكن معه هدي أن يجعلوها عمرة» [رواه الشافعي مرسلاً، في متنه نكارة] .
- والسنة لمن أراد نسكاً أن يُعَيِّنَه ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها وفيه : (فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالحَجِّ...) [متفق عليه].
- ويُسنَّ له أن يشترط فيقول : (اللهم إني أريد النُّسك الفلاني، فيسِّره لي وتقبَّله منِّي ، وإن حَبَسَني حابِسٌ، فَمَحِلِّي حيث حَبَسْتني) ؛ لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : (دَخَلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا : لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الحَجَّ ؟ قَالَتْ : وَالله لَا أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً . فَقَالَ لَهَا : حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولِي : اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي) [متفق عليه]
|